ما صِحة قِصّة محاولة سرقة جثمان الرسول صلى الله عليه وسلم?
المحاولة الأولى:-
في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي حيث
أشار عليه أحد الزنادقة بإحضار جسد الرسول إلى مصر لجذب الناس إليها بدلا من المدينة،
وقاتلهم أهلها وفي اليوم التالي أرسل الله ريحا للمدينة تكاد الأرض تزلزل من قوتها
مما منع البغاة من مقصدهم.
المحاولة الثانية:-
في عهد نفس الخليفة العبيدي حيث أرسل
من يسكنون بدار بجوار الحرم النبوي الشريف ويحفر نفقاً من الدار إلى القبر وسمع أهل
المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم ينبش ففتشوا الناس فوجدوهم وقتلوهم ومن الجدير
بالذكر أن الحاكم بن عبيد الله ادعى الألوهية سنة 408 هـ.
المحاولة الثالثة:-
مخطط من ملوك النصارى ونفذت بوساطة
اثنين من النصارى المغاربة وحمى الله جسد نبيه بأن رأى القائد نور الدين زنكي النبي
في منامه وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول: أنجدني أنقذني من هذين الرجلين، ففزع القائد
من منامه وجمع القضاة، وأشاروا عليه بالتوجه للمدينة المنورة، ووصل إليها حاملاً الأموال
إلى أهلها، وجمع الناس وأعطاهم الهدايا بعد أن دونت أسماؤهم ولم ير الرجلين، وعندما
سأل: هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة؟
قالوا: لا، قال: تفكروا وتأملوا، فقالوا:
لم يبق أحد إلا رجلان مغاربة وهما صالحان غنيّان يكثران من الصدقة، فانشرح صدره، وأمر
بهما، فرآهما نفس الرجلين اللذين في منامه، وسألهما: من أين أنتما؟ قالا: حجاج من بلاد
المغرب. قال: أصدقاني القول، فصمما على ذلك فسأل عن منزلهما وعندما ذهب إلى هناك لم
يجد سوى أموال وكتب في الرقائق وعندما رفع الحصير وجد نفقا موصلا إلى الحجرة الشريفة
فارتاعت الناس وبعد ضربهما اعترفا بمخطط ملوك النصارى وأنهما قبل بلوغهما القبر حصلت
رجفة في الأرض فقتلا عند الحجرة الشريفة، وأمر نور الدين زنكي ببناء سور حول القبور
الشريفة بسور رصاصي متين حتى لا يجرأ أحد على استخدام هذا الأسلوب.
المحاولة الرابعة:-
جملة من النصارى سرقوا ونهبوا قوافل
الحجيج وعزموا على نبش القبر وتحدثوا وجهروا بنياتهم وركبوا البحر واتجهوا للمدينة
فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية تبعوهم وأخذوهم عن أخرهم وأسروا
ووزعوا في بلاد المسلمين.
المحاولة الخامسة:-
كانت بنية نبش قبر أبي بكر وعمر- رضي
الله عنهما- وذلك في منتصف القرن السابع من الهجرة وحدث أن وصل أربعون رجلا لنبش القبر
ليلا فانشقت الأرض وابتلعتهم وأبلغنا بهذا خادم الحرم النبوي آن ذاك وهو صواب الشمس
الملطي.
جواب الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم، عضو مكتب الدعوة والإرشاد:
تعرّض قبر النبي صلى الله عليه وسلم
إلى مُحاولات نبش، وأشهرها ما كان في زمن نور الدين وصلاح الدين.
قال عبد الملك بن حسين الشافعي:
وفي سنة سبع وخمسين وخمسمائة 557ه،
جَرَت الكائنة الغريبة وهي ما ذكره العلامة السيد نور الدين على السمهودي المدني في
كتابه " خلاصة الوفا " وغيره، فقال: إن الملك العادل نور الدين رأى النبي
في نومه ليلة ثلاث مرات وهو يشير إلى رجلين أشقرين يقول: أنجدني من هذين، فأرسل إلى
وزيره وتجهّزا في بيته ليلتهما على رواحل خفيفة في عشرين نفرًا، وصحب مَالاً كثيرا،
فَقَدِم المدينة في ستة عشر يوما فَزَار، ثم أمر بإحضار أهل المدينة بعد كتابتهم، وصار
يتأمل في كل ذلك تلك الصفة إلى أن انقضت الناس، فقال: هل بقي أحد؟ قالوا: لم يبق سوى
رجلين صالحين عفيفين مغربيين يُكْثِرَان الصدقة، فطلبهما، فرآهما الرجلين اللذين أشار
إليهما عليه الصلاة والسلام، فسأل عن مَنْزِلهما فأخبر أنهما في رباط بقرب الحجرة الشريفة،
فأمسكهما ومضى إلى مَنْزِلهما فلم ير غير ختمتين وكُتب في الرقائق ومال كثير، فأثنى
عليهما أهل المدينة خيرا، فبقي مترددا متحيرا، فرفع حصيرا في البيت فرأى سردابا محفورا
ينتهي إلى صوب الحجرة، فارتاعت الناس لذلك، فقال لهما السلطان: أصدقاني، وضربهما ضربا
شديدا، فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى في زِيّ حجاج المغاربة، وأمالوهما بالمال
العظيم ليتحيّلا في الوصول إلى الجناب الشريف ونقله وما يترتب عليه، فَنَزَلا قرب رباط
وصارا يحفران ليلا، ولكل منهما محفظة جلد، والذي يجتمع من التراب يخرجانه في محفظتيهما
إلى البقيع إذا خرجا بِعِلّة الزيارة، فلما قرب من الحجرة أرعدت السماء وأبرقت وحصل
رجف عظيم، فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة فلما ظهر حالهما بكى السلطان بكاء شديدا،
وأمر بضرب رقابهما، فَقُتِلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة المسمى الآن شباك
الجمال، ثم أمر بإحضار رصاص عظيم وحفر خندقا عظيما إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها
وأذاب ذلك الرصاص وملأ الخندق، فصار حول الحجرة سور من رصاص إلى الماء.
قال: وفي سنة إحدى وستين وخمسمائة 561هـ،
ذكر صاحب الخميس عن شمس الدين صواب الموصلي بواب المسجد النبوي والقائم بأمره - بإسناد
صحيح عنه - أن جماعة من الروافض وصلوا من حلب فأهدوا إلى أمير المدينة الشريفة من الأموال
والجواهر ما لم يخطر ببال، فشغله ذلك وأنساه دينه، والتمسوا منه أن يُخْرِجُوا جسد
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما غشيه من حب الدنيا
والتشاغل بالأموال عن الدِّين وافقهم على ذلك. قال صواب الموصلي المذكور: فطلبني أمير
المدينة، وقال: إن في هذه الليلة يصل إليك كذا وكذا من الرجال، فحين يصلون إليك سَلِّم
إليهم مفتاح الحجرة الشريفة النبوية ولا تتشاغل عنهم، وإلا أخذتُ ما فيه عيناك!
قال صواب: فأخذتني رعدة ودهشة ولا أدري
إلام يؤول الأمر، فانتظرت فلما كان نصف الليل أقبل أربعون رجلا، فدخلوا من باب السلام،
فسلمت إليهم مفتاح الحجرة المطهرة، فإذا معهم المقاحف والمكاتل وآلات الحفر، فعرفت
مرادهم وغاب حسي من الهيبة النبوية، ثم سجدت لله وجعلت أبكي وأتضرع، فما نظرت إلاَّ
وقد انشقت الأرض واشتملتهم بجميع ما معهم من آلات الحفر، والْتَأَمَتْ لِسَاعتها، وذلك
عند المحراب العثماني، فسجدت شكرا لله فلما استبطأ الأمير الخبر أرسل لي رسولاً فأخبرته
بما رأيت، فطلبني عاجلا فوصلت إليه، فإذا هو مثل الوَالِه، فسألني مشافهة فحققت له
ما رأيت، فقال: إن خرج منك هذا الأمر قتلتك! فلم أزل ساكتا عن بث هذا الأمر مدة حياة
ذلك الأمير خوفا منه.
وقال مُجير الدين الحنبلي في
" الأنس الجليل ":
ثم في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة 578هـ،
قصد الإفرنج المقيمون بالكرك والشوبك المسير لمدينة رسول الله صل الله عليه وسلم لينبشوا
قبره الشريف وينقلوا جسده الكريم إلى بلادهم ويدفنوه عندهم ولا يمكنوا المسلمين من
زيارته إلاَّ بِجُعْل، فأنشأ البرنس أرباط صاحب الكرك سُفُنًا حملها على البر إلى بحر
القلزم، وركب فيها الرجال، وسارت الإفرنج ومضوا يريدون المدينة الشريفة، فكان السلطان
صلاح الدين على حوران، فلما بلغه ذلك بعث إلى سيف الدولة بن منقذ نائبه بمصر يأمره
بتجهيز حسام الدين لؤلؤ الحاجب خلف العدو، فاستعد لذلك وسار في طلبهم حتى أدركهم ولم
يبق بينهم وبين المدينة الشريفة النبوية إلاَّ مسافة يوم، وكانوا نيفاً وثلاثمائة،
وقد انضم إليهم عدة من العربان المرتدَّة، ففرت العربان و التجأ الإفرنج إلى رأس جبل
صعب المرتَقى، فصعد إليهم في نحو عشرة أنفس وضايقهم فيه فخارت قواهم بعد ما كانوا معدودين
من الشجعان وقبض عليهم وقَيدوهم وحَملهم إلى القاهرة.
كما تعرّض قبر النبي صلى الله عليه
وسلم لِمحاولات نبش من قِبَل العُبيديين الرافضة.
قال السخاوي في " التحفة اللطيفة
":
ومن أغرب ما اتفق له مما أورده ابن
النجار بسنده أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم بأمر الله العبيدي بنبش القبر الشريف
وحمله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما إلى مصر لتكون محط الرحال، فأنفَذ
لأبي الفتوح يأمره بذلك، فسار حتى قدم المدينة فحضر إليه جماعة من أهلها ممن عَلِم
سبب قدومه ومعهم قارئ يُعرف بالركباني، فقرأ بين يديه (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ
مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) إلى قوله: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ)، فَمَاج الناس
وكادوا أن يقتلوا أبا الفتوح ومن معه من الجند، فلما رأى ذلك قال لهم: الله أحق أن
يخشى، ووالله لا أتعرض لشيء من هذا، ودع الحاكم يفعل فيّ ما أراد، ثم استولى عليه ضيق
الصدر وتقسيم الفكر كيف أجاب، فما غابت الشمس من بقية يومه حتى أرسل الله من الريح
ما كادت الأرض تزلزل منه، وتدحرجت الإبل بأقتابها، والخيل بسروجها كما تدحرج الكرة
على وجه الأرض، وهلك خلق كثيرون من الناس، وانفرج هم أبي الفتوح بما أرسله من تلك الرياح
التي شاع ذكرها في الآفاق، ليكون حجة له عند الحاكم.
هذا ما وقفت عليه بهذا الخصوص... وهو يُؤكِّد على أن الرافضة مهما تغيّرت
مُسمّياتها أنهم أشد عداوة لأهل السنة من سائر الملل! وأن عداوتهم لِخيار الأمة عداوة
مُتأصِّلَة. وأن مُتطلّب التقارب مع الرافضة كالْمُتطلِّب إشعال شُعلة من الشمس! والله
تعالى أعلم.
m.s